وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}. قال السدي: (يا أولي العقول). وقال ابن كثير: (أي: الأفهام المستقيمة، لا تكونوا مثلهم فيصيبَكم ما أصابَهم يا أولي الألباب).
وقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا}. بدل من {يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}، أو نعت لهم. أي الذين آمنوا باللَّه وصدقوا رسله.
وقوله: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا}. يعني القرآن. والمقصود: يا أولي العقول النيرة الذين آمنتم باللَّه وصدقتم رسوله، اتقوا اللَّه الذي أنزل عليكم القرآن، فخافوه واعملوا بطاعته واحذروا معصيته.
وقوله: {رَسُولًا}. قيل: قد نُصب على أنه بدل اشتمال (?). وقيل: الرسول تفسير وترجمة عن الذكر - واختاره ابن جرير. وقال الزجاج: (إنزال الذكر دليل على إضمار أرسل، أي أنزل إليكم قرآنًا وأرسل رسولًا). ويجوز أن ينتصب {رَسُولًا} على الإغراء، والتقدير: اتبعوا رسولًا.
وقوله: {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} أي: يقرأ عليكم آيات القرآن، ويبين لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام، ليخرج المؤمنين به من ظلمات الجاهلية والكفر، إلى نور العلم والإيمان.
وقوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}. أي: قد وسع اللَّه عليه من ألوان الرزق والنعيم في الجنات. قال النسفي: ({قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}. فيه معنى التعجب والتعظيم لما رزق المؤمنين من الثواب).
12. قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}.
في هذه الآية: إخبار اللَّه تعالى عن قدرته التامة وسلطانه العظيم، في خلق سبع سماوات وسبع أرضين، يتنزل الأمر بينهن بإذن الواحد القهار الحكيم ليكون ذلك باعثًا على تعظيم دينه القويم.