وأخرج الإمام أحمد بسند حسن في الشواهد عن الشَّعبي قال: [حَدّثنا الأشعث بن قيس قال: قَدِمْتُ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وَفْدِ كِنْدَةَ، فقال لي: هل لكَ من ولَد؟ قلتُ: غلامٌ وُلِدَ لي في مخرجي إليك من ابنة حَمَد، ولَودِدْتُ أن بمكانه شِبَعَ القوم. قال: لا تقولَنّ ذلك، فإن فيهم قُرّة عين، وأجرًا إذا قُبضوا، ثم قال: ولئن قلت ذاك إنهم لَمَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ، إنهم لمجبنة مَحْزنة] (?).

وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. أصل عظيم من أصول هذه الشريعة المطهرة، وجواب من جوامع الكلم لكثير من المسائل الفقهية المستعصية. والمقصود: استوفوا جهدكم معشر المؤمنين في تقوى ربكم وابذلوا طاقتكم.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه] (?).

وقوله: {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}. قال ابن كثير: (أي: كونوا مُنقادين لما يأمُركم اللَّه به ورسولُه، لا تحيدوا عنه يمنةً ولا يسْرَةً، ولا تُقَدِّموا بين يدي اللَّه ورسوله، ولا تَتَخَلَّفوا عما أُمِرتم، ولا تركَبوا ما عنه زُجِرتم).

وقوله: {وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ}. قال ابن جرير: (يقول: وأنفقوا مالًا من أموالكم لأنفسكم تستنقذوها من عذاب اللَّه. والخير في هذا الموضع المال). والمراد: بذلُ المال على الفقراء من الأرحام والقرابات، والمساكين من المسلمين ذوي الحاجات.

وقوله: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. أي: ومن يدافع السقوط فينصره اللَّه على هوى نفسه وبخلها وشحها وحرصها وطمعها يصبح من المفلحين الناجين المدركين آمالهم عند ربهم.

وفي التنزيل:

{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل: 8 - 11].

وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [اتقوا الظلم، فإن الظلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015