11. قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}.

في هذه الآية: عتابٌ لطيف من اللَّه تعالى لصحابة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- في انشغالهم بالعير وبهجة قدومها عن متابعة خطبته عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة، فما عند اللَّه خير وأبقى واللَّه خير الرازقين.

أخرج البخاري ومسلم والترمذي عن جابر بن عبد اللَّه قال: [بينما نحن نصلي مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذْ أقْبَلَت عِيرٌ تحْمِلُ طعامًا فالتفتوا إليها، حتى ما بقيَ مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا اثْني عشَرَ رجلًا، فنَزَلتْ هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}] (?).

ولفظ الترمذي: [بينما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة قائمًا، إذ قدمت عير المدينة فابتدرها أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى لم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلًا فيهم: أبو بكر، وعمر، ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}].

وأخرج الطبري بسند رجاله رجال الصحيح عن جابر بن عبد اللَّه قال: [كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرّون بالكبر والمزامير ويتركون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قائمًا على المنبر، وينفضون إليها، فأنزل اللَّه: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}] (?).

وقوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}. فيه دليل أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائمًا.

وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: [كانت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خُطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويُذَكِّر الناس] (?).

وقوله: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ}. أي: قل لهم يا محمد: ما عند اللَّه من الثواب وحسن المآب خيرٌ من لذة اللهو وفائدة التجارة، فثواب انصرافكم إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015