وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}. تأكيد للأمر الأول، فإنَّ السعادةَ في الدارين منوطةٌ بالتقوى.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. أي: إن اللَّه مطلع على جميع أعمالكم ولا يخفى عليهِ شيء.

وقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ}. قال سفيان: (نَسُوا حقَّ اللَّه، فأنساهم أنفسهم، قال: حَظَّ أنفسهم). وقال النسفي: (تركوا ذكر اللَّه عز وجل وما أمرهم به: {فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} فتركهم من ذكره بالرحمة والتوفيق).

وقال مقاتل بن حيان: (تركوا أمره {فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} أن يعملوا لها خيرًا). وقال سهل بن عبد اللَّه: ({نَسُوا اللَّهَ} عند الذنوب {فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} عند التوبة).

والمقصود: تحذير اللَّه تعالى المؤمنين أن يكونوا كالذين ركبوا المعصية والذنوب وأصروا حتى خذلهم اللَّه عن التوبةِ والتوفيق وأرداهم المهالك وبلوغ الشقاء.

وقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. قال سعيد بن جبير: (العاصون. وقال ابن زيد: (الكاذبون). وأصل الفسق الخروج، والمقصود: هؤلاء الذين خذلهم اللَّه هم الخارجون عن طاعته، المستكبرون عن الإخبات لأمره.

وقوله: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}. أي: لا يعتدل أهل النار وأهل الجنة في الرتبةِ والفضل والمنزلةِ. {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} أي: هم المقربون المدركون ما طلبوا وأرادوا، الناجون مما حذروا، السالمون من عذاب اللَّه عز وجل.

وفي التنزيل نحو ذلك:

1 - قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18].

2 - وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].

3 - وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21].

وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أما أهل النار الذين هم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015