الْأُولَى}: إذ لم تكونوا شيئًا). وقال قتادة: (هو خلق آدم). قال القرطبي: ({وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} أي إذ خُلقتم من نُطْفة ثم من عَلَقة ثم من مُضْغة ولم تكونوا شيئًا. . . {فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} أي فهلّا تذكرون. وفي الخبر: عجبًا كل العجب للمكذّب بالنشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى، وعجبًا للمصدّق بالنشأة الآخرة وهو لا يسعى لدار القرار).

وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}.

احتجاج آخر على منكري البعث والمعاد. أي: أخبروني عن أرضكم حين تطرحون فيها البَذْر، أأنتم تنبتونه زرعًا فيكون فيه السنبل والحبّ، أم ليس لكم إلا إلقاء البذر بعد شق الأرض، ثم الإنبات وإخراج الحب والسنبل علينا؟ ! إنكم تقرون للَّه بذلك، فيكف تنكرون إخراج الأموات من الأرض وإعادتهم؟

أخرج ابن حبان في صحيحه، والبزار والطبري بسند حسن عن أبي هريرة قال: [قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تقولنَّ: زَرَعْتُ ولكن قل: حرثتُ. قال أبو هريرة: ألم تسمع إلى قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}] (?).

وقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}.

أي: لو نشاء لجعلنا زرعكم هشيمًا متكسرًا، لا ينتفَعُ به في مطعم وغذاء، فظلتم تعجبون بحطامه وتندمون مما حلّ بكم.

فعن ابن عباس: ({فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} قال: تعجبون). وقال عكرمة: (تلاومون).

وقال الحسن: (تندمون). وأصل التفكه في كلام العرب: التعجب أو التندم. قال الرازي: (و"تفكه" تَعَجَّبَ. وقيل: تَنَدَّم. قال اللَّه تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي تَنْدَمون. وتفكَّهَ بالشيء تمتَّعَ به). وقوله: {فَظَلْتُمْ} أصله: "فظَلَلْتُم" وحذفت اللام الأولى للتخفيف.

وفي الآية تنبيه للمشركين على أمرين:

1 - ما أولاهم به من النِّعم في زرعهم إذ لم يجعله حطامًا ليشكروه.

2 - ليعتبروا بذلك في أنفسهم، كما أنه يجعل الزرع حطامًا إذا شاء، وكذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015