وفي التنزيل نحو ذلك: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 103 - 105].

أخرج الحاكم بسند صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: [قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود! إني رسولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: تعلمون المعادَ إلى اللَّه، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامةٌ لا ظعن فيه، وخلودٌ لا موت، في أجسادٍ لا تموت] (?).

وفي صحيح مسلم من حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: [ثم ينفخ في الصور. . ثم لا يبقى أحدٌ إلا صعق، ثم يرسل اللَّه تعالى مطرًا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: أيها الناس! هلمّوا إلى ربكم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}] (?).

وقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}.

أي: ثم إنكم معشر الضالين عن الحق والهدى، المكذبين بالبعث، مدعوُّون إلى طعام من شجر كريه المنظر، كريه الطعم، تملؤون منه بطونكم. قال ابن كثير: (وذلك أنهم يُقْبَضُون ويُسجَرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم، حتى يملؤوا منها بطونهم).

وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ هذه الآية: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لو أنَّ قَطْرَةً من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه] (?).

وقوله تعالى: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ}. أي: ثم إنكم لشاربون على الزقوم -أو على الأكل- من الماء المغلي الذي قد اشتد غليانه. قيل: وهو صديد أهل النار. قال القرطبي: (أي يورثهم حَرَّ ما يأكلون من الزقوم مع الجوع الشديد عطشًا فيشربون ماء يظنون أنه يزيل العطش فيجدونه حميمًا مُغْلى).

وقوله تعالى: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}. الهيم: الإبل العطاش التي لا تَرْوى لداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015