فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ اللَّه تجاوزَ عن أمتي ما حَدَّثت به أنْفُسُها ما لم تَعْمل أو تتكلّم] (?).
وفي لفظ: [إن اللَّه تجاوز لأمتي عما وسْوَسَتْ -أو حدَّثتْ- به أنْفُسَها ما لم تعْمل به أو تَكَلَّم].
قال قتادة: (إذا طلّق في نفسه فليس بشيء).
وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}. قال ابن كثير: (يعني ملائكته تعالى أقربُ إلى الإنسان من حبل وريده إليه). والوريد: حبل العاتق الممتد من ناحية الحلق إلى العاتق، وهما وريدان عن يمين وشمال.
وقوله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}.
قال مجاهد: ({الْمُتَلَقِّيَانِ} ملكان يتلقيان عملك: أحدهما عن يمينك يكتب حسناتك، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك). قال الحسن: (حتى إذا متّ طُوِيت صحيفة عملك وقيل لك يوم القيامة: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14] عَدَلَ واللَّه عليك من جعلك حسيبَ نفسك).
قال النسفي: (التلقي: التلقن بالحفظ والكتابة، والقعيد: المقاعد، كالجليس بمعنى المجالس، وتقديره: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد من المتلقيين، فترك أحدهما لدلالة الثاني عليه).
والمقصود: يقول جل ذكره -ونحن أقرب إلى الإنسان من وريد حلقه حين يتلقى الملكان الحفيظان ما يتلفظ به فيجعلانه في صحيفة أعماله-.
وفي معجم الطبراني بسند حسن عن أبي أمامة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنّ صاحِبَ الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندمَ واستغفر اللَّه منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة] (?).