وله شاهد عند أبي داود الطيالسي في "مسنده" قال: حدثنا إسحاق بن سعيد قال: حدثني أبي قال: [كنت عند ابن عباس، فأتاه رجل فسأله: من أنت؟ قال: فَمَتَّ له برحم بعيدة، فألان له القول، فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اعرفوا أنسابكم، تصلوا أرحامكم، فإنه لا قرب بالرحم إذا قطعت، وإن كانت قريبة، ولا بعد لها إذا وصلت، وإن كانت بعيدة] (?).
ورواه البخاري في "الأدب المفرد" بنحوه وزاد: [وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها، تشهد له بصلة إن كان وصلها، وعليه بقطيعة إن كان قطعها].
وقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. أَصْلٌ في ميزان التفاضل بين الناس. والمقصود: إنما تفاضلكم أيها الناس عند اللَّه بالتقوى لا بالأحساب والأنساب.
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنّ اللَّه لا ينظر إلى صُوركم وأموالكم، ولكِنْ ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم] (?).
وفي لفظ: [إن اللَّه لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صُوركم، ولكن يَنْظُرُ إلى قلوبكم]. وفي لفظ: (التقوى هاهنا) -ويشير إلى صدره- ثلاث مرِار.
الحديث الثاني: أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: [سُئِل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيُّ الناس أكرم؟ قال: أكرمُهم عند اللَّه أتقاهم. قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فأكرم الناس يوسف نبيُّ اللَّه، ابنُ نبيِّ اللَّه، ابن نبي اللَّه، ابن خليلِ اللَّه. قالوا: ليس عن هذا نسألك؟ . قال: فعَنْ معادنِ العرب تسألوني؟ قالوا: نعم! قال: فخياركُم في الجاهلية خياركُم في الإسلام إذا فَقِهُوا] (?).
الحديث الثالث: أخرج الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوامٌ يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحْمُ جَهَنَّمَ، أوْ ليكونُنَّ أهونَ على اللَّه من الجُعَلِ الذي يُدَهْدِهُ الخِراءَ بأنْفِه. إنَ اللَّه أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفَخْرَها