وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إياكم والظنَّ، فإن الظَّنَّ أكذب الحديث] (?).

وقوله: {وَلَا تَجَسَّسُوا}. قال ابن عباس: (نهى اللَّه المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن). وقال مجاهد: (خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر اللَّه). وقال قتادة: (هل ترون ما التجسس أو التجسيس؟ هو أن تتبع، أو تبتغي عيب أخيك لتطلع على سره).

والتجسُّس: البحث عما يُكتم عنك، والتحسّس: طلب الأخبار والبحث عنها. والتجسّس يطلق غالبًا في الشر، ومنه الجاسوس. وأما التحسّس فيكون غالبًا في الخير، كما قال تعالى إخبارًا عن يعقوب أنه قال: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87]. وقد يستعمل كل منهما في الشرِّ.

كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لا تحاسَدُوا، ولا تباغضوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تجسَّسُوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد اللَّه إخوانًا] (?).

وفي لفظ: [لا تهجُروا ولا تدابروا، ولا تحسَّسوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد اللَّه إخوانًا].

قال الأوزاعي: (التجسّس: البحث عن الشيء. والتحسّس: الاستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون، أو يتسَمَّع على أبوابهم. والتدابُر: الصَّرْمُ) (?).

ومن صحيح السنة المطهرة في آفاق هذه الآية أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود في السنن بسند صحيح عن معاوية قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [إنّك إن اتَّبَعْتَ عَوْرات الناس أفْسَدْتَهم أو كِدْتَ اْنْ تُفْسِدَهم] (?).

الحديث الثاني: أخرج أحمد وأبو داود والحاكم بسند رجاله ثقات عن جبير بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015