والعدل وميزان القسط {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي: فيجازيهم أحسن الجزاء.
وفي صحيح مسلم عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ المقسطين، عند اللَّه، على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكِلْتا يَدَيْهِ يمين، الذين يَعْدِلون في حُكْمهم وأهْلِيهم وما وَلُوا] (?).
وله شاهد عند النسائي بسند جيد عن عبد اللَّه بن عمرو -أيضًا- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ بين يدي الرحمن، بما أقسَطُوا في الدنيا] (?).
وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. أي: جميع المؤمنين إخوة في الدين.
وقوله: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. قال ابن جرير: (ومعنى الأخوين في هذا الموضع: كل مقتتلين من أهل الإيمان).
والمعنى: احرصوا -أيها المؤمنون- على سلامة صرح الأخوّة بينكم، فأصلحوا بين المختصمين، وخافوا اللَّه بإقامة العدل والقسط لتنالكم رحمته ومغفرته.
وقد حفلت السنة الصحيحة بأحاديث كثيرة في آفاق هذا المعنى، منها:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [المسلمون كَرَجُلٍ واحدٍ، إن اشتكى عَيْنُهُ، اشتكى كُلُّهُ، وإن اشتكى رأسُهُ، اشتكى كُلُّهُ].
وفي لفظ: [مثل المؤمنين في تَوادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم، مَثَلُ الجسد، إذا اشتكى منه عُضْوٌ، تداعى له سائِرُ الجسد بالسَّهر والحُمَّى] (?).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [المؤمِنُ للمؤمِن كالبُنيان، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا] (?).