فقوله: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}. قال القاسمي: (أي فلا تدعكم الرغبة في الحياة إلى ترك الجهاد).
وقوله: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}. أي: إنما يعود نفع الإيمان والتقوى عليكم، واللَّه غني عنكم ولا يطلب منكم شيئًا، وكذلك يعود إنفاق الأموال بالكامل عليكم لاستغنائه -تعالى- المطلق، فإن في الصدقات مواساة للفقراء ودفعًا لأحقاد صدورهم ونهوضًا بأحوال البلاد والعباد، وفي بذل الأموال للجهاد شوكة لكم في الأرض ودفع لغائلة الشرور والفساد.
وقوله: {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا}. {فَيُحْفِكُمْ}: أي فيجهدكم بالمسألة، ويلحّ عليكم بطلبها. ففي لغة العرب: أحفى فلان إذا أكثر الطلب والمسألة. قال الزمخشري: (الإحفاء المبالغة، وبلوغ الغاية في كل شيء. يقال: "أحفاه في المسألة" إذا لم يترك شيئًا من الإلحاح).
فالمعنى: إن يجهدكم -تعالى- بالمسألة ويلح عليكم بطلبها منكم تبخلوا بها وتمنعوها، ضَنًّا منكم بها، ولكنه عَلِمَ ضعفكم في ذلك فلم يفعل.
وقوله: {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}. أي أحقادكم، وكراهتكم لدينٍ يستهلك أموالكم. قال قتادة: (قد علم اللَّه أن في سؤال المال خروج الأضغان).
وقوله: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ}. أي: ها أنتم أيها المؤمنون تدعون للنفقة في جهاد أعداء اللَّه ونُصرة دينه فمنكم من يبخل بالنفقة.
وقوله: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}. أي: ومن يبخل فإنما ينقص من أجره، ويعود وبال البخل عليه.
وقوله: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}. قال ابن زيد: (ليس باللَّه تعالى ذكره إليكم حاجة، وأنتم أحوج إليه).
وقوله: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}. قال قتادة: (يقول: إن توليتم عن كتابي وطاعتي أستبدل قومًا غيركم. قادر واللَّه ربنا على أن يهلكهم، ويأتي من بعدهم من هو خير منهم). قال الطبري: {ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}: أي في البخل بالإنفاق في سبيل اللَّه).