لَيَبْكون، حتى لو أُجريت السُّفُن في دموعهم، لجرت، وإنهم ليَبْكون الدَّم -يعني- مكان الدمع] (?).

وقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}. أمر بالعلم قبل العمل، وتنبيه لشرف العلم، وأشرف العلوم علوم شهادة أن لا إله إلا اللَّه.

وعن سفيان بن عيينة أنه سئل عن فضل العلم فقال: (ألم تسمع قوله حين بدأ به {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} فأمر بالعمل بعد العلم. وقال: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} -إلى قوله- {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الحديد: 20 - 21] وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28]. ثم قال بعد: {فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14] وقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]. ثم أمر بالعمل بعد).

وفي صحيح مسلم عن عثمان رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [من مات وهو يعلم أنّه لا إله إلا اللَّه دخل الجنة] (?).

وقوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}. قال القرطبي: (يحتمل وجهين: أحدهما- يعني استغفر اللَّه أن يقع منك ذنب. الثاني- استغفر اللَّه ليعصمك من الذنوب). وقيل: الخطاب له والمراد به الأمة. قلت: والأفضل من ذلك أن يقال: ذنب الأنبياء ترك الأفضل دون مباشرة القبيح، وذنوبنا مباشرة القبائح من الصغائر والكبائر.

وقوله: {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}. أي: وسل ربك غفران ذنوب أهل الإيمان بك من الرجال والنساء، فإن ذلك بركة وخير لك ولهم.

وفي السنة الصحيحة روائع في آفاق هذه المعاني، منها:

الحديث الأول: أخرج الطبراني بسند حسن عن عبادة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتبَ اللَّه له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة] (?).

الحديث الثاني: أخرج الشيخان وابن حبان من حديث أبي موسى الأشعري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: [اللهم اغفر لي خطيئتي وجَهلي، وإسرافي في أمري،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015