وعن مجاهد: ({سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} قال: المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن، والكافر في الدنيا والآخرة كافر). وقال ليث: (بعث المؤمن مؤمنًا حيًا وميتًا، والكافر كافرًا حيًا وميتًا).
وقال إبراهيم بن الأشعث: (كثيرًا ما رأيت الفُضيل بن عياض يردّد من أول الليل إلى آخره هذه الآية ونظيرها، ثم يقول: ليت شعري! من أي الفريقين أنت؟ وكانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين لأنها محكمة).
وقرأ قراء المدينة والبصرة {سَوَاءٌ} بالرفع على أنها خبر مقدم، وأما قراء الكوفة فقرؤوها {سواءً} بالنصب على الحال من مفعولي نجعل، والقراءة بالنصب أشهر.
وقوله: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}. قال ابن كثير: (أي: ساء ما ظنُّوا بنا وبِعَدْلِنا أن نُساوِيَ بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة، وفي هذه الدار).
وقوله تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
قال ابن جرير: (فلم يخلق اللَّه السماوات والأرض للظلم والجور ولكن خلقناهما للحق والعدل. ومن الحق أن نخالف بين حكم المسيء والمحسن في العاجل والآجل).
وقوله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}. قال ابن عباس: (ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من اللَّه ولا برهان). وقال قتادة: (لا يهوى شيئًا إلا ركبه لا يخاف اللَّه). قال النسفي: (أي: هو مطواع لهوى النفس يتبع ما تدعوه إليه، فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه).
وقال أبو الدرداء رضي اللَّه عنه: (إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه، فإن كان عمله تبعًا لهواه فيومه يوم سوء، وإن كان عمله تبعًا لعلمه فيومه يوم صالح).
وقال الأصمعي: سمعت رجلًا يقول:
إن الهوان هو الهوى قلب اسمه ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا
وسئل ابن المقنع عن الهوى فقال: هَوانٌ سرقت نونه، فأخذه شاعر فنظمه وقال: