{كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} يقول: كأن لم يسمع ما تلي عليه من آيات اللَّه بإصراره على كفره {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} يقول: فبشر يا محمد هذا الأفاك الأثيم الذي هذه صفته بعذاب من اللَّه له. {أَلِيمٍ} يعني موجع في نار جهنم يوم القيامة).
وقوله: {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا}. قال النسفي: (إذا بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها {اتَّخَذَهَا} اتخذ الآيات {هُزُوًا}).
وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}. أي: سيقابلهم اللَّه لقاء استهزائهم بآياته بعذاب يهينهم ويؤلمهم ويذلهم في نار جهنم.
وقوله: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}. قال ابن عباس: (أي أمامهم). أي من وراء ما هم عليه من التكبر على الحق والاستهزاء بآيات القرآن جهنم.
وقوله: {وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا}. أي: من الأموال والأولاد ومتاع الحياة الدنيا. كقوله تعالى: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المجادلة: 17].
وفي صحيح مسلم عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يقول اللَّه لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: يا ابن آدم! كيف وجدت مضجعك؟ فيقول: شر مضجع. فيقال له: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟ فيقول: نعم. فيقول: كذبت، قد أردت منك أهون من هذا، وأنت في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئًا ولا أدخلك النار، فأبيت إلا الشرك، فيؤمر به إلى النار] (?).
وقوله: {وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ}. يعني: من الأوثان والأصنام والطواغيت والرؤساء، فكل هؤلاء لا يستطيعون نصر أنفسهم يوم القيامة فضلًا عن نصر أتباعهم {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وقوله: {هَذَا هُدًى}. مبتدأ وخبر، يعني القرآن. قال ابن عباس: (يعني كل ما جاء به محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ}. أى: جحدوا آياته وحججه ودلائله. {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}. أي: لهم عذاب من أوجع العذاب اليم. والرجز هو أشد العذاب.