تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56)}.
في هذه الآيات: قصةُ موسى عليه الصلاة والسلام، مع الطاغية فرعون رأس الكفر والطغيان، الذي أشرك باللَّه وطغى وأفسد في الأرض حتى أذاقه اللَّه وجنوده الخزي والغرق واللعنة والحرمان.
فقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الآيات.
تسلية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من تكذيب قومه. فإن موسى عليه السلام قال لفرعون كما قلت لقومك: إني رسول اللَّه إليكم، فسخروا كما سخر هؤلاء. قال النسفي: (ما أجابوه به عند قوله إني رسول رب العالمين محذوف دلّ عليه قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا} وهو مطالبتهم إياه بإحضار البينة على دعواه وإبراز الآية {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ} يسخرون منها ويهزؤون بها ويسمونها سحرًا).
وقوله: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا}. قال القرطبي: (أي كانت آيات موسى من كبار الآيات، وكانت كل واحدة أعظمَ مما قبلها).
وقوله: {وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. قال قتادة: (أي يتوبون، أو يذكرون). قال ابن جرير: (وذلك كأخذه تعالى ذكره إياهم بالسنين ونقص من الثمرات، وبالجراد، والقمل، والضفادع والدم).
وقوله: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ}. قال مجاهد: (لئن آمنا لَيُكْشَفَنّ عنا العذاب). والمقصود: ادع لنا ربك بما أخبرنا عن عهده إليك، إنا إن آمنا كشف عنا، فسله يكشف عنا.
وأما مناداتهم له بالساحر ففيه أكثر من تأويل:
1 - نادَوْهُ بما كانوا ينادونه به من قبل ذلك على حسب عادتهم.
2 - قال ابن عباس: ({يَاأَيُّهَ السَّاحِر} يا أيها العالم، وكان الساحر فيهم عظيمًا