القيامة: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، فيختم على فيه ويقال لأركانه انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يُخَلّى بينه وبين الكلام، فيقول: بُعْدًا لكنَّ وسحقًا، فعنكن كنت أناضل] (?).

وقوله: {وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. قال النسفي: (وهو قادر على إنشائكم أول مرة وعلى إعادتكم ورجوعكم إلى جزائه).

وقوله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} الآية. {أَنْ} في محل نصب على العلة، أي لأجل أن تشهد أو مخافة أن تشهد.

وفي الصحيحين والمسند عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: [{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} الآية. قال: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش في بيت، فقال بعضهم لبعض: أترون أن اللَّه يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كله، فأنزلت: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} الآية] (?).

وفي رواية: قال ابن مسعود: [كنت مستترًا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة نفر: قرشيٌّ وثقفيان، أو ثقفي وقرشيان، كثير لحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون أن اللَّه يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخران: إنا إذا رفَعْنا أصواتنا سمعه، وإنا إذا لم نرفعه لم يسمعه، فقال الآخران: إن سمع منه شيئًا سمعه كله، قال: فذكرت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأنزل اللَّه: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015