من أهل النار بما أخلفوا اللَّه ما وعدوه وكانوا كاذبين، ثم هيأ لهم ملكًا في الجنة ليصيروا ملوكًا والخدم حولهم وهم ينعمون ويتلذذون.
وقوله: {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ}. قال السدي: (ننزل منها حيث نشاء). وقال أبو جعفر: (نتخذ من الجنة بيتًا ونسكن منها حيث نحبّ ونشتهي). أي حيث شئنا حللنا وحيث أحببنا نزلنا في جناننا المخصصة لنا. قال النسفي: (أي يكون لكل واحد منهم جنة لا توصف سعة وزيادة على الحاجة فيتبوأ أي يتخذ متبوأ ومقرًا من جنته حيث يشاء). وقوله: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}. أي: فهنيئًا لمن قدّم لنفسه في الدنيا لسعادته في الآخرة في الجنة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [قال اللَّه تعالى: أعْددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر] (?).
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن للمؤمنين في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلًا فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضًا] (?).
وفي لفظ آخر: (الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون).
قال ابن القيم رحمه اللَّه: (وهذه الخيم غير الغرف والقصور بل هي خيام في البساتين وعلى شواطئ الأنهار).
وقوله: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}. أي: تراهم يا محمد يوم قضي الأمر محدقين من حول عرش الرحمان. قال ابن جرير: (ويعني بالعرش: السرير). ونقل عن السدي قوله: (محدقين حول العرش، قال: العرش السرير). وإدخال (مِن) في قوله {مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} للتأكيد، والمراد حافين حول العرش كقولك (ما جاءني من أحد).
وقوله: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} في محل نصب حال، أي حال كونهم مسبحين للَّه يلهجون بحمده وبذكره، وقيل: يصلون للَّه حول العرش شكرًا له وتعظيمًا. قال ابن