رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}] (?).
وقوله: {وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}. قال قتادة: (فلم يكفه أن ضيَّع طاعة اللَّه، حتى جعل يسخر بأهل طاعة اللَّه. قال: هذا قول صنف منهم).
وقال السدي: (يقول: من المستهزئين بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبالكتاب وبما جاء به).
وقال ابن جرير (وإن كنت لمن المستهزئين بأمر اللَّه وكتابه ورسوله والمؤمنين به). وقال الشوكاني: (أي وما كنت إلا من المستهزئين بدين اللَّه في الدنيا، ومحل الجملة النصب على الحال).
قلت: والآية تشبه قوله في سورة التوبة: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}. فإن الاستهزاء باللَّه أو كتابه أو دينه أو رسوله كفر يورد صاحبه المهانة والذل يوم القيامة. كما جاء في صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه اللَّه عن طيْسَلَةَ بن ميّاس قال: [كنت في النَّجَدَات فأصبتُ ذنوبًا لا أراها إلا من الكبائر فذكرت ذلك لابن عمر قال: ما هي؟ قلت كذا وكذا. قال: ليست هذه من الكبائر: هُنَّ تِسْعٌ: [الإشراك باللَّه، وقتل نسمة، والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وإلحاد في المسجد، والذي يستسخر (?)، وبكاء الوالدين من العقوق] (?).
وقوله تعالى: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. فيه محاولة الظالم الهروب من التكليف، ونسب الجبر والظلم للَّه، ولكنها محاولة واهية لن تجديهم في الآخرة، وهي طريقة كثير من الناس اليوم لِرفع الأمر والمسؤولية عن عاتقهم، وهم يضحكون على أنفسهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
قال قتادة: ({يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} الآية قال: هذا قول صنف منهم. {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي} الآية، قال: هذا قول صنف آخر. {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى