يشبه الموت في بعض مظاهره، فاللَّه سبحانهُ قد أطلق لفظ الوفاة في القرآن على ثلاثة معان: الأول: الوفاة بمعنى انقضاء الأجل. كقوله في سورة النحل: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النحل: 28]. وكقوله في سورة محمد: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد: 27]. وكقوله هنا في سورة الزمر: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}.
الثاني: الوفاة بمعنى النوم. كقوله سبحانه في سورة الأنعام: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. وكقوله هنا في سورة الزمر: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}.
الثالث: الوفاة بمعنى الرفع والمغادرة. كقوله سبحانه في سورة آل عمران: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 55]. قال مطر الوراق: (إني متوفيكَ من الدنيا وليسَ بوفاة موت). وكذا قال ابن جرير: (توفيه هو رفعه). وكقوله في سورة المائدة: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 117].
وفي آية الزمر هنا فإن الوفاة أطلقت على النوم في حق من لم ينقض أجله بعد، كما روى البيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [النوم أخو الموت، ولا يموت أهل الجنة] (?). وكذلكَ ما في الصحيحين عن أبي هريرةَ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إذا أوى أحدُكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم ليضطجع على شِقّهِ الأيمن ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبكَ أرفعهُ، فإن أمسكتَ نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادكَ الصالحين] ورواه أبو داود (?).
وفي لفظ: (فاغفر لها) بدل (فارحمها).
وقد روى الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا استيقظَ