واللام، فتقول انهملتِ العين وانهمرت. قال الفراء: (الخير في كلام العرب والخيل واحد). فعن قتادة: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} أي المال والخيل، أو الخير من المال). وقال السدي: (الخيل). وروي عنه أنه المال. فالمعنى: إني آثرت حبّ الخير، أو أحببت الخير حبًا فألهاني عن ذكر ربي. وقوله: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} قال قتادة: (عن صلاة العصر). قال الحافظ ابن كثير: (ذكر غير واحد من السلف والمفسرين أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت الصلاة صلاة العصر، والذي نقطع به أنه لم يتركها عمدًا بل نسيانًا كما شغل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق عن صلاة العصر حتى صلاها بعد الغروب. ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: جاء عمر رضي الله عنه يوم الخندق بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش ويقول: يا رسول الله، والله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والله ما صليتها، فقمنا إلى بطحان فتوضأ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- للصلاة وتوضأنا لها فصلّى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب).
قلت: وله رواية أخرى في الصحيحين والمسند من حديث علي وفي سنن ابن ماجة من حديث عليّ ولفظه: [ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس] (?). وذكر ابن جرير عن أبي الصَّهباء قال: سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى؟ فقال: هي العصر وهي التي فُتِنَ بها سليمان بن داود.
وقوله: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}. يعني حتى غابت الشمس وتوارت في مغيبها. وقيل حتى توارت الخيل في المسابقة. فإن أصل التواري الاستتار عن الأبصار، والحجاب هو الليل سمي حجابًا لأنه يستر ما فيه. وتفصيل ذلك:
التأويل الأول: حتى غابت الشمس وتوارت. فقد روي عن ابن مسعود في قوله: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} قال: (توارت الشمس من وراء ياقوتة خضراء، فخضرة السماء منها).
التأويل الثاني: أي حتى توارت الخيل في المسابقة. وذلك أن سليمان كان له ميدان مستدير يسابق فيه بين الخيل، حتى توارت عنه وتغيب عن عينه في المسابقة. ذكره القرطبي. والأول أرجح والله أعلم.