وفيه أيضًا عن عبد الله بن عمرو، وعند أبي يعلى من طريق أبي هريرة بإسناد رجاله رجال الصحيح واللفظ له قال: [بعثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- بعثًا فأعظموا الغنيمة وأسرعوا الكرّة، فقال رجل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رأينا بعثًا قط أسرعَ كَرَّةً ولا أعظمَ غنيمة من هذا البعث. فقال: ألا أخبركم بأسرعَ كرةً منهم، وأعظم غنيمة؟ رجلٌ توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمدَ إلى المسجد، فصلى فيه الغداةَ، ثم عقَّب بصلاة الضّحوة، فقد أسرع الكرة وأعظم الغنيمة] (?).

وأقل الضُّحا ركعتان وأكثره ثمان ركعات: ففي الصحيحين عن أم هانئ: [أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة اغتسل في بيتها فصلى ثمان ركعات] (?).

فمن صلاها أربعًا كفاه الله ذلك اليوم وكان في ذمته وحمايته. فقد أخرج الإمام أحمد وأبو يعلى عن عقبة بن عامِر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [إن الله عز وجل يقول: يا ابنَ آدم! اكفني أوَّلَ النهار بأربع ركعات، أكْفِكَ بهن آخرَ يومِك] (?).

وقوله تعالى: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ}. أي: مجموعة له، مجتمعة تجيبه وتردد معه التسبيح والتهليل والتعظيم.

فعن ابن عباس قال: (كان داود عليه السلام إذا سبح جاوبته الجبال واجتمعت إليه الطير فسبحت معه). وعن قتادة: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} قال: مسخرة). قال القرطبي: (فالمعنى وسخرنا الطير مجموعة إليه لتسبح الله معه. وقيل: أي وسخرنا الريح لتحشر الطيور إليه لتسبح معه، أو أمرنا الملائكة تحشر الطيور).

وجملة القول: أنّ قوله: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} معطوف على قوله: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ}. فإذا سبح أجابته الجبال واجتمعت إليه الطير، فسبحت معه وجاوبته بالتعظيم والتقديس لله الواحد الأحد، فاجتماعها إليه كان حشرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015