فقوله: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}. أَمْر مِنَ الله تعالى عِباده المؤمنين بالهجرة عند فساد البلاد إلى حيث إقامة الدين.

قال سعيد بن جبير: (إذا عُمِلَ فيها بالمعاصي، فأخرج منها). أو قال: (اهربوا فإن أرضي واسعة). وعن عطاء قال: (إذا أُمِرْتم بالمعاصي فاهرُبوا، فإن أرضِي واسعة).

وقال: ({إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}: مجانبة أهل المعاصي). قال مجاهد: (فهاجروا وجاهدوا).

وقوله: {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}. أي: فأخلصوا العبادة لله ولا تطيعوا في معصيته أحدًا.

وفي التنزيل نحو ذلك:

1 - قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 97 - 99].

2 - وقال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 100].

وفي صحيح السنة العطرة من آفاق هذ الآية أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أتعلم؟ أولُ زمرة تدخل الجنة من أمتي فقراء المهاجرين، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أو قد حوسبتم؟ قالوا: بأي شيء نحاسب، وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك؟ فيفتح لهم، فيقيلون فيها أربعين عامًا، قبل أن يدخلها الناس] (?).

الحديث الثاني: أخرج الطحاوي في "مشكل الآثار"، وأحمد في المسند بسند صحيح عن جنادة بن أبي أمية: [أنّ رجالًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم لبعض: إنَّ الهجرة قد انقطعت، فاختلفوا في ذلك، قال: فانطلَقْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن أناسًا يقولون: إن الهجرة قد انقطعت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015