صحيح تقوم به الحجة، فنكتفي بمجمل التنزيل ودلالته البليغة دون خوض فيما لا فائدة منه.
وقوله: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}.
أي: أرشده صالحو قومه أن لا تَبطر فيما وهبك الله من هذه الأموال الكثيرة، فإن الله تعالى لا يحب أهل البَطَرِ والكبر والغرور.
قال ابن عباس: ({إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}: يعني المرحين). وقال مجاهد: (يعني الأشِرين البَطِرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم).
فالفرح هنا بمعنى العجب والغرور، والكبر الذي يدفع إلى الظلم والشرور.
قال مجاهد: (هو فرح البغي).
أخرج ابن عدي والعقيلي بسند حسن لغيره عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم أكثر من ذلك: العجب] (?).
ورواه البيهقي بسند حسن عن أنس كذلكَ بلفظ: [لو لم تكونوا تُذنِبُون، لخِفْتُ عليكم ما هو أكبرُ من ذلكَ، العُجْبَ العُجْب].
وقوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}.
قال ابن كثير: (أي: استعمِل ما وَهَبكَ الله من هذا المالِ الجزيلِ والنّعمةِ الطائلةِ في طاعةِ رَبِّك والتقرّب إليه بأنواع القُربات التي تُحصِّل لك الثواب في الدار الآخرة. {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}، أي: ما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكِن والمناكِح، فإن لِرَبكَ عليكَ حقًّا، وَلنَفْسِكَ عَليكَ حقًّا، ولأهلِكَ عليكَ حقًّا، ولزَوْرِكَ (?) عَليكَ حقًّا، فآت كلَّ ذي حقٍّ حقَّه).
وقوله: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}.
قال النسفي: ({وَأَحْسِنْ} إلى عباد الله ({كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}. أو: أحسِن بشكرك وطاعتك لخالق الأنام كما أحسن إليكَ بالإنعام).