المُستَورِدَ، أخا بني فِهْرٍ، يقول: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما مثل الدنيا في الآخرةِ، إلا مَثَلُ ما يجعَلُ أحَدُكُمْ إصبَعَه في اليمِّ. فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِع] (?).

الحديث الثالث: أخرج ابن حبان والحاكم وأحمد بسند صحيح لغيره، عن ابن عباس: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليهِ عمر وهو على حصير قد أثَّرَ في جنبهِ فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا؟ فقال: ما لي وللدنيا؟ ! ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظلَّ تحت شجرةٍ ساعة من نهار، ثم راح وتركها] (?).

الحديث الرابع: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن سهل بن سعد قال: [كنا معٍ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الحُليفة. فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها. فقال: [أَتُرَوْنَ هذه هَيِّنَةً على صاحبها؟ فوالذي نفسي بيدهِ! للدنيا أهونُ على اللهِ، مِنْ هذه على صاحبها. ولو كانت الدنيا تَزِنُ عند الله جناحَ بعوضَةٍ، ما سقى كافرًا مِنْها قَطْرَةً أبدًا] (?).

الحديث الخامس: أخرج الإمامُ مسلم في الصحيح عن أبي هريرةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [مَنْ يَدْخُلِ الجنَّةَ يَنْعَمُ لا يَبْأَسُ، لا تَبْلى ثيابُهُ ولا يَفْنَى شَبابُهُ] (?).

والخلاصة: الآية السابقة تخبر عن حقارة هذه الحياة الدنيا، وما فيها من الزينةِ الدنيئةِ والزهرة الفانية، وعدم الاستقرار بالنسبة لاستقرار نعيم الآخرة ودوام بهجته وزهرته وزينته. وقوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}. أي: أفلا يعقل من يعطمُ أمر هذه الدنيا ومتاعها فوق أمر الآخرة.

وقوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}. أي: هل يستوي المؤمن الموعود جزيل الثواب على الإيمان والعمل الصالح بالكافر الممتَّعِ أيامًا قلائل في هذه الحياة الدنيا ثم يحضر يوم القيامةِ إلى العذاب الأليم.

قال قتادة: (المؤمن سمع كتاب الله فصدق به وآمن بما وعد الله فيه {كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015