أخرج الإمامُ أحمد في المسند، بإسناد صحيح عن علي رضي اللهُ عَنْهُ قال: [لما توفي أبو طالب، أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: إنَّ عمَّكَ الشيخ الضالَ قد مات، فمن يواريه؟ قال: اذهب فوارِه، ثم لا تحدث شيئًا حتى تأتيني. فقال: إنه مات مشركًا، فقال: اذهب فواره. قال: فواريتهُ ثم أتيتهُ، قال: اذهب فاغتسل ثم لا تحدث شيئًا حتى تأتيني، قال: فاغتسلت، ثم أتيته، قال: فدعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها حُمُر النّعَم وسودها، قال: وكان علي إذا غسل الميت اغتسل] (?).
لقد أفقد موت أبي طالب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سندًا كبيرًا، فلم يعد بنو هاشم مستعدين لتقديم الحماية نفسها، وتطاولت قريش، وقد خفف الله عن أبي طالب قسطًا كبيرًا من العذاب يوم القيامةِ بسبب مساندته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
يروي البخاري في صحيحه عن العباس بن عبد المطلب: [أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أغنيت عن عمك؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار] (?).
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر عنده عمه- فقال: [لعلهُ تنفعه شفاعتي يوم القيامة. فيجعل في ضحضاح من النار تبلغ كعبيه] (?).
وفي صحيح الإمام مسلم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو منتعل بنعلين من نار، يغلي منهما دماغه] (?).
وفي لفظ: [أهونُ أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل، يوضع في أخمص قدميهِ جمرتان يغلي منهما دماغُه].
وقوله: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}.
قال ابن عباس: (هم أناس من قريش قالوا لمحمد: إن نتبعك يتخطفنا الناس، فقال الله: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}.