بالاشتراك مع الرهط المفسدين، فمكر الله بهم وهو أشد مكرًا بالقوم الظالمين، فدمرهم وكتب النجاة للقوم المؤمنين.

فقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ}.

قال مجاهد: (مؤمن وكافر، قولهم صالح مرسل، وقولهم صالح ليس بمرسل. ويعني بقوله: {يَخْتَصِمُونَ} يختلفون).

وقوله: {قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ}. قال مجاهد: (السيئة: العذاب، قبل الحسنة: قبل الرحمة. أو قال: قبل العافية).

أي قال لهم صالح - عليه الصلاة والسلام -: يا قوم لم تدعون بحضور العذاب ونزول النقمة، ولا تسألون الله الرحمة والعافية؟ !

وقوله: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. قال ابن جرير: (يقول: هلا تتوبون إلى الله من كفركم، فيغفرلكم ربكم عظيم جرمكم، يصفح لكم عن عقوبته إياكم على ما قد أتيتم من عظيم الخطيئة). قال النسفي: ({لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} بالإجابة).

وقوله: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ}. أي: تَشَاءَمْنا بك وبمن تبعك.

قال مجاهد: (تشاءموا بهم). قال ابن كثير: (أي: - قالت ثمود لرسولها صالح - ما رأينا على وَجْهِك وَوُجُوهِ من اتَّبَعك خير. وذلك أنهم - لشقائهم - كان لا يُصيبُ أحدًا منهم سوءٌ إلا قال: هذا مِن قِبَل صالح وأصحابه).

ويبدو أن هذه الصفة متوارثة في الأمم المكذبة للرسل.

ففي التنزيل:

1 - قال تعالى - مخبرًا عن قوم فرعون -: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131].

2 - وقال تعالى - مخبرًا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون -: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 18 - 19].

3 - وقال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015