فقوله تعالى: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}.
لجوء من فرعون لبسط نفوذه وسلطانه لاحتواء الموقف قبل أن يتدهور ويُكشف الكذب. فقال لموسى: لئن أقررت بمعبود غيري لأسجننك مع من في السجن من أهله.
وقوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ}.
قال ابن جرير: (- يقول - أتجعلني من المسجونين {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} يبين لك صدق ما أقول يا فرعون وحقيقة ما أدعوك إليه. وإنما قال ذلك له، لأن من أخلاق الناس السكون للإنصاف، والإجابة إلى الحق بعد البيان).
وقوله تعالى: {قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ}.
قال ابن عباس: (يقول: مبين له خلق حية).
وقوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ}. أي: وأخرج موسى يده من جيبه فإذا هي بيضاء تلمع لمن ينظر إليها. قال النسفي: (فيه دليل على أن بياضها كان شيئًا يجتمع النظارة على النظر إليه لخروجه عن العادة، وكان بياضها نوريًا).
وقوله تعالى: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}.
قال ابن كثير: (أي: فاضِلٌ بارعٌ في السِّحْر. فَرَوّجَ عليهم فرعونُ أن هذا من قبيل السِّحر لا من قبيل المعجزة، ثم هَيَّجَهُمْ وحَرَّضَهم على مخالفته والكفْر به. فقال: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}، أي: أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا، فيكثر أعوانُه وأنصارُه وأتباعُه ويغلبكم على دولتكم، فيأخذَ البلاد منكم، فأشيروا عليَّ فيه ماذا أصنعُ به؟ ).
وقوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ}.
أي: فأجابوه قائلين: أخِّره وأخاه حتى تحشد له عمالقة السِّحر في أرجاء مملكتك ليقارعوا سحره بخبرتهم العالية في هذا الفن، فتكون الغلبة لك في النهاية بعد اندحار أمره وانحسار سحره.
38 - 48. قوله تعالى: {فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ