وعن قتادة: ({وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ} قال: كلّ قد أعذر الله إليه، ثم انتقم منه).
وعن الحسن: {وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} قال: تبَّرَ الله كُلّاً بعذاب تتبيرًا).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وكل هؤلاء الذين ذكرنا لكم أمرهم استأصلناهم، فدمرناهم بالعذاب إبادة، وأهلكناهم جميعًا).
قلت: وأصل (التَّبَار) في لغة العرب الهلاك، قال الرازي: (و"تَبِّره تتبيرًا": كَسَّره وأهْلكَهُ، وهؤلاء (متَبَّر) ما هُمْ فيه أي مُكَسَّر مُهْلَك).
فيكون المعنى: كل هذه الأمم التي سَلَف ذِكْرُها كَسَّرنا بنيانها وأهلكنا أهلها واستأصلناهم لَمّا طَغَوا فبادوا جميعًا.
وقوله: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ}.
يعني قرية قوم لوط، وهي سَدُوم، التي جعل الله عاليها سافلها وأمطرها حجارة من سجيل.
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [الشعراء: 173].
2 - وقال تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: 137، 138].
3 - وقال تعالى: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} [الحجر: 76]
4 - وقال تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: 79].
وقوله: {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا}. قال ابن كثير: (أي: فيعتبروا بما حَلَّ بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم بالرسول ومخالفتهم أوامرَ الله). قلت: والخطاب لقريش، أي أفلم يمروا كثيرًا أثناء تجارتهم إلى الشام على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة من السماء، فيتفكروا فيؤمنوا.
وقوله: {بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا}. قال ابن جُريج: (بعثًا).
قال النسفي: (بل كانوا قومًا كفرة بالبعث لا يخافون بعثًا فلا يؤمنون، أو لا يأملون نشورًا كما يأمله المؤمنون لطمعهم في الوصول إلى ثواب أعمالهم).
وقال القرطبي: ({بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا}: أي لا يصدقون بالبعث. ويجوز أن