وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بذكلر أسباب نزول هذه الآية:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر قال: [كان عبد الله بنُ أبي بن سلول يقول لجارية له: اذهبي فابْغِينا شيئًا، فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}] (?).
الحديث الثاني: روى مسلم- أيضًا- عن جابر رضي الله عنه: [أنَّ جاريةً لعبد الله بن أُبيّ بن سلول يقال لها: مُسَيْكَةُ، وأُخرى يقال لها: أُمَيْمَةُ، فكان يريدهما "وفي رواية: فكان يكرههما" على الزِّنى، فَشَكَتا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزلَ اللهُ عَزَّ وجلَّ: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ}] (?).
الحديث الثالث: أخرج الطبراني ورجاله رجال الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [كانت لعبد الله بن أبي جارية تزني في الجاهلية، فلما حُرِّمَ الزنا قالت: لا والله لا أزني أبدًا، فنزلت الآية] (?).
وقوله: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ}. تأكيد لآيات القرآن أنزلها الله واضحات مفسِّرات لأحكام هذا الشرع العظيم، ويأتي الوحي الثاني وهو: السنة المطهرة، لتزيد في ذكر آفاق هذه الأحكام وتبيان مدلولاتها ومعانيها.
وقوله: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}. أي: وأنزلنا في هذا القرآن أخبارَ الأمم الماضية والقرون الغابرة وما حَلَّ بها حين خالفت منهاج رسلها وتطاولت على الوحي النازل إليها.
وقوله: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}. قال ابن كثير: (أي: زاجرًا عن ارتكاب المآثم والمحارم، {لِلْمُتَّقِينَ}، أي: لمن اتّقى الله وخافه).
35. قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا