الحديث الثالث: خرّج مسلم في الصحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لو أنَّ أحَدَهُمْ، إذا أراد أن يأتي أهله، قال: باسم الله، اللهمَّ جَنِّبْنَا الشيطان، وجَنِّب الشيطان ما رَزَقْتَنا، فإنه، إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُما ولدٌ في ذلك، لم يَضُرَّه شيطانٌ أبدًا] (?).
الحديث الرابع: أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي اليَسَر: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو: [اللهم إني أعوذ بك من الهدم، وأعوذ بك من التردِّي، وأعوذ بك من الغرق، والحوق، والهرم، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك: أنَّ أموت في سبيلك مدبرًا، وأعوذ بك أن أموت لديغًا] (?).
99 - 100. قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}.
في هذه الآياتِ: إخبارٌ من الله جَلَّت عظمته عن حال المحتضر من الكفار وقد أوشك على الرحيل من هذه الدنيا وبلغت الروح الحلقوم، وعاين نزول أمر الله به، فقال - لعظيم ما يعاين مما هو مُقْدم عليه من العذاب - تندمًا على ما فات {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} كي أعمل صالحًا فيما تركت قبل اليوم من العمل وضيعت من العمر، ولكنه لا يجاب إلى ذلك ويمكث في عذاب القبر في البرزخ إلى يوم البعث والحساب.
فقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}.
قال ابن زيد: ({رَبِّ ارْجِعُونِ}: هذه في الحياة الدنيا، ألا تراه يقول: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} قال: حين تنقطع الدنيا، ويعاين الآخرة، قبل أن يذوق الموت).
وقوله: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}.
قال ابن عباس: ({لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}: يريد شهادة أن لا إله إلا الله).
قال القرطبي: ({فِيمَا تَرَكْتُ} أي فيما ضيَّعت وتركت العمل به من الطاعات. وقيل: {فِيمَا تَرَكْتُ} من المال فأتصدق. و {لعل} تتضمَّنُ ترددًا، وهذا الذي يسأل الرجعة قد