أبو بكر الصديق على المنبر، ثم بكى، فقال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الأول على المنبر، ثم بكى فقال: [سلوا اللهَ العَفْوَ والعافيةَ، فإن أحدًا لمْ يُعْطَ بَعْدَ اليقين خيرًا من العافية] (?).
الحديث الرابع: أخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة - قال: أحْسِبُهُ قال: في المنام - فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا، قال: فوضع يَدَهُ بين كَتِفَيَّ حتى وَجَدْتُ بردها بين ثديي - أو قال: في نَحري - فعلمت ما في السماوات وما في الأرض. قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم في الكفارات، والكفارات: المكث في المسجد بعد الصلاة، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقال: يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسالك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون" (?).
وقوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ}.
أي: لو شئنا - يا محمد - لأريناك ما سينزل بهم من العذاب والفتن نتيجة عنادهم وإصرارهم على شركهم. قال القرطبي: (نبّه على أن خلاف المعلوم مقدور، وقد أراه الله تعالى ذلك فيهم بالجوع والسيف، ونجّاه الله ومن آمن بهِ من ذلك).
وقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}.
أمر من الله تعالى بالعفو والصفح ومكارم الأخلاق، فهو الترياق النافع في معاملة الناس، وينعكس خيره على العبد بالشيء الكثير.
قال الحسن: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} قال: والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظًا، ويصفح عما يكره).
قلت: وهذا الدافع بالإحسان نافع مع المسلمين عامة، ومع الكفار زمن الدعوة