وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}.
قال ابن كثير: (أي: من هو خالقُ العالم العُلْوي بما فيه من الكواكب النيِّرات، والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومَنْ هو ربُّ العرش العظيم؟ يعني الذي هو سَقْفُ المخلوقات. {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}، أي: إذا كنتم تعترفون بأنه رب السماوات ورب العرش العظيم، أفلا تخافون عِقابَه وتحذرون عذابه في عبادتكم معه غيره وإشراكِكُم به؟ ! ).
قلت: وقد وصف الله تعالى في هذه الآية عرشه بالعرش العظيم لأنه أعظم المخلوقات، ونهاية الخلق، فليس فوقه إلا الله.
قال ابن عباس: (إنما سمّي عرشًا لارتفاعه).
ووصفه في آية أخرى بالعرش الكريم فقال جل ثناؤه في آخر السورة: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون: 116].
والكريم: أي الحسن البهي، فجمع عرش الرحمن بين العظمة في الاتساع والعلو، والحسن الباهر. والله تعالى قد تعالى فوق العرش وكلِّ ما دونه، كما قال سبحانه في الآية السابقة: {فَتَعَالَى اللَّهُ}. فليس ثمَّ مكانٌ ولا حدودٌ فوق العرش، فإن ذلك كله ينقطع عنده، وما فوقه إلا الله جلت عظمته.
وقد جاءت السنة الصحيحة بآفاق ذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة] (?).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في الصحيح من حديث أبي ذر - أيضًا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يومًا: أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: