{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]. ثم ذكر الرجل يُطيل السفَرَ أشعثَ أغبرَ، يَمُدُّ يديه إلى السماء، يا ربِّ! يا ربِّ! وَمَطْعَمُهُ حرامٌ، ومَشْرَبُهُ حرامٌ، ومَلْبَسُهُ حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام، فأنّى يُستجابُ لذلك] (?).
وقوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
يعني: وإن ملتكم معشر الأنبياء ملة واحدة، ودينكم دين واحد، وهو دين التوحيد: إفراد الله تعالى بالعبادة والتعظيم، فاتقوا الله ربكم وادعوا الخلق إلى هذا الدين القويم.
قال ابن جريجٍ: ({وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} قال: الملة والدين).
وقد نصب قوله: {أُمَّةً وَاحِدَةً} على الحال.
وقوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا}.
أي: تمزقت أمم الرسل فيما بينهم، وجعلوا دينهم أديانًا، واتبعوا الشبهات والشهوات. و {زُبُرًا}: جمع زبور. أي كتبًا مختلفة. قيل: تفرقوا في دينهم فرقًا كل فرقة تنتحل كتابًا. وعن الحسن قال: (قطعوا كتاب الله قطعًا وحرفوه).
وقوله: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. أي كل فريق بما هم عليه من الهوى والضلال معجبون.
قال النسفي: (كل فرقة من فرق هؤلاء المختلفين المتقطعين دينهم {بِمَا لَدَيْهِمْ} من الكتاب والدين أو من الهوى والرأي {فَرِحُونَ} مسرورون معتقدون أنهم على الحق).
وقوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ}. تهديد ووعيد. أي: فدع يا محمد هؤلاء القوم الذين انغمسوا في غَيهم وضلالهم إلى حين حلول عذابهم أو انقضاء آجالهم. قال مجاهد: {فِي غَمْرَتِهِمْ}: في ضلالهم).
وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}.
قال مجاهد: ({أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ}: نعطيهم، نسارع لهم، قال: نزيدهم في الخير، نُمْلي لهم، قال: هذا لقريش).