وقال ابن عباس: (يدورون). والفلك في لغة العرب: كل شيء دائر.
قال القرطبي: (أي يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء).
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
2 - وقال تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)} [الأنعام: 96].
34 - 35. قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}.
في هذه الآيات: تولّي الله نصر دينه فهو الحي الذي لا يموت والأنبياء والرسل يموتون. وكل نف ذائقة الموت وإنما الناس في اختبار ثم إلى ربهم يرجعون.
فقوله: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ}. ردٌّ على المشركين الذين كانوا يدفعون نبوته - عليه الصلاة والسلام - ويقولون: شاعر نتربص به ريب المنون. قال القرطبي: (فقال الله تعالى: قد مات الأنبياء من قبلك، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك).
وفي التنزيل:
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26 - 27].
وقوله: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} أي: أفإن مت يا محمد فهؤلاء يؤمِّلون أن يعيشوا بعدك أو يخلدوا في الأرض بعد غيابك! ؟ لا، لن يكون هذا، بل هم ميتون بكل حال عشت أو مت، والكل إلى فناء.
وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: كل نفس منفوسة من خلقه، معالجة غصص الموت، ومتجوعة كأسها).
وقوله: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} قال ابن عباس: (بالرخاء والشدة، وكلاهما بلاء). وقال قتادة: (يقول: نبلوكم بالشر بلاء والخير فتنة).