أبو حاتم: {قَوْلَ الْحَقِّ}: المعنى هو قول الحق). وقيل. التقدير هذا الكلام قول الحق. وقال الكسائي: {قَوْلَ الْحَقِّ} نعت لعيسى) - أي كما سمي كلمة الله.
وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر {قَوْلَ الْحَقِّ} بالنصب على الحال، أي أقول قولًا حقًّا. وقرأ الأكثرون {قولُ الحق} بضم اللام. والتقدير: هو قول الحق.
وعن قتادة: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} امترت فيه اليهود والنصارى، فأما اليهود فزعموا أنه ساحر كذّاب، وأما النصارى فزعموا أنه ابن الله، وثالث ثلاثة، وإله، وكذبوا كلهم، ولكنه عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه).
وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي: ما ينبغي لله أن يتخذ ولدًا، فهو يتنزه وينزه ذاته عن ذلك، وما أمره إذا أراد شيئًا إلا أن يقول له كن فيكون.
وفي التنزيل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 59 - 60].
وقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي اللهُ عَنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [قال اللهُ: كَذَّبني ابنُ آدمَ ولمْ يَكُنْ له ذلك، وشتمني ولمْ يكُنْ له ذلكَ، فأما تكذيبُه إيّايَ فزعَمَ أني لا أَقْدِرُ أَنْ أعيدَهُ كما كان، وأما شَتْمُه إيّايَ فقوله: لي وَلَدٌ فَسُبْحَاني أَنْ أَتَّخِذَ صاحِبةً أوْ ولدًا] (?).
وقوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.
إثبات من عيسى عليه الصلاة والسلام الربوبية والألوهية لله وحده، فإنه عبد لله كغيره، وإرشادٌ منهُ إلى إفرادهِ تعالى بالعبادة، وذلكَ طريق الهداية والاستقامة والرشاد.
قال وهب بن منبه: (عَهد إليهم حين أخبرهم عن نفسه ومولده وموته وبعثه أنَّ "الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم". أي إني وإياكم عبيد الله، فاعبدوه ولا تعبدوا غيره).