أبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدًا] (?).
وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}. أي: وما أرسلناك يا محمد إلا مبشرًا برحمة الله ورضوانه وجنته لمن أطاعك، ونذيرًا بسخط الله وغضبه وناره لمن عصاك.
وقوله: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} - فيه قراءتان.
1 - "فَرَقْناه" - بالتخفيف. قال ابن عباس: (يقول: فصلناه). أي فصلناه من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزة من السماء الدنيا، ثم نزل مُفَرّقًا مُنَجّمًا على الوقائعِ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاث وعشرين سنة.
2 - "فَرَّقْناه" - بالتشديد. قرأ بها ابن عباس: أي أنزلناه آية آية، مُبَيَّنًا مُفَسَّرًا. قال ابن عباس: (يقول: أنزل آية آية). وقال: (أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة). وقال ابن زيد: ("وقرآنًا فرَّقناه": فرّقه، لم ينزله جميعه).
وقوله: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}. أي: لتبلغه الناس وتتلوه عليهم على مَهَل.
قال ابن جريج: (في ترتيل). وقال مجاهد: (على تؤدة).
وقوله: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}. أي: شيئًا بعد شيء، حسب الحوادث والمناسبات.
وقولُهُ تعالى: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا}. أي - قل يا محمد لكفار قومك الذين يعترضون على هذا الوحي العظيم: وسواء آمنتم به أم كفرتم لا يُغَيِّر شيئًا، فهذا القرآن حق في نفسه، عظيم في شأنه، موصوف في كتب التنزيل، والذين أوتوا العلم من أهل الكتاب المتمسكين بالحق المكتوب عنده إذا يتلى عليهم يخرون تعظيمًا لله ساجدين، شكرًا منهم لله على إدراكهم هذا الرسول الكريم. قال ابن عباس: ({يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} يقول: للوجوه). والأذقان جمع ذَقَن، وهو أسفل الوجه.
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}.
قال ابن جرير: (- أي يقولون - تنزيهًا لربنا مما يضيف إليه المشركون به، ما كان