الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}، {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]] (?).
وله شاهد عند أبي يَعْلى من حديث جابر رضي الله عنه قال: [دخلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة، وحول البيت ثلاث مئة وستون صنمًا يُعْبدون من دون الله. فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأُكِبَّتْ لوجهها، وقال: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}] (?).
82 - 85. قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}.
في هذه الآيات: إخبار عن عظمة هذا القرآن وما في آياته ووقعها على قلوب المؤمنين، ونفوس المبتلين، وتعب الحائرين، فهو يُذهب ما في القلوب من أمراض، من شك ونفاق، وشرك وزيغ، وضيق وسوء ظن، ويملؤها بالحكمة والإيمان، ورحيق الاطمئنان، وحسن ظن بالله يوصل إلى مرتبة الإحسان، ولا يزيد الظالمين إلا الحرمان والخسران. إنه إذا أنعم الله على الإنسان استكبر، وإذا مسه الشر جزع، إلا من رحم الله. فَأَخْبِر المشركين - يا محمد - أنّه كُلٌّ يعمل على وجهته وطريقته، والله أعلم بمن هو أهدى طريقًا. ويسألك اليهود عن الروح، فقل: الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا.
فقوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} الآية. قال قتادة: (إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه {وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ} به {إِلَّا خَسَارًا} أنه لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه، وإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين). وقال النسفي: ({وَرَحْمَةٌ}: وتفريج للكروب وتطهير للعيوب وتكفير للذنوب).