1 - يقول: نفلًا لك عن فرائضك التي فرضتها عليك. قال ابن عباس: (يعني بالنافلة أنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، أُمر بقيام الليل وكُتب عليه). وهو أحد قولي الشافعي، واختاره ابن جرير وقال: (وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان الله تعالى قد خصه بما فرض عليه من قيام لله دون سائر أمته).
2 - قيل: بل المقصود أن قيام الليل نافلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - على الخصوص، فهي نافلة فضل، لأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال مجاهد: (النافلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة من أجل أنه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة، فهو نافلة من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، فهي نوافل وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها، فليست للناس نوافل).
قلت: وكلا المعنيين حق، وتدل عليهما نصوص الكتاب والسنة.
وقوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}. قال ابن كثير: (أي: افعل هذا الذي أمرتُك به لِنُقيمك يوم القيامة مقامًا يحمدُك فيه الخلائق كُلُّهم وخالِقهم تبارك وتعالى). وقال ابن جرير: (قال أكثر أهل التأويل: ذلك هو المقام الذي يقومه محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة للشفاعة للناس، ليريحهم ربُّهم من عظيم ما هم فيه من شدَّة ذلك اليوم).
قلت: وقد جاءت السنة الصحيحة بهذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند، وأبو نعيم في "الحلية" بسند حسن في الشواهد، عن أبي هريرة مرفوعًا: [المقامُ المَحْمودُ: الشفاعة] (?).
الحديث الثاني: أخرج ابن أبي عاصم في "السنة" - بسند حسن لشواهده - عن داود الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة: [عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}. قال: الشفاعة] (?). وفي رواية غيره: (هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي).
الحديث الثالث: أخرج ابن حبان والحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين عن كعب بن مالك مرفوعًا: [يُبْعثُ الناسُ يومَ القيامة، فأكونُ أنا وأمتي على تَلٍّ،