عليه شهرُ رمضانَ فانسلخ قبل أن يُغفَرَ له، ورغِمَ أنف رجُلٍ أدركَ عنده أبواه الكِبَرَ فلم يدخلاه الجنة] (?). وفي رواية: (أو أحدهما).
وعند مسلم في صحيحه نحوه، عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [رَغِمَ أنفُ، ثم رَغِمَ أنفُ، ثم رَغِمَ أنفُ رجلٍ أدرك والديه، أحدهما أو كِلاهما عند الكبر، ولم يَدْخُلِ الجنة] (?).
الحديث الخامس: أخرج ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال: [صَعِدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فلما رقِيَ عتبةً قال: آمين. ثم رقيَ أخرى فقال: آمين. ثم رقيَ عتبةً ثالثة فقال: آمين. ثم قال: أتاني جبريل فقال: يا محمد! من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله. فقلت: آمين. قال: ومن أدرك والديه أو أحدَهما فدخل النار فأبعده الله. فقلت: آمين. قال: ومن ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك فأبعده الله. فقلت: آمين] (?).
قلت: فإن كان الأبوان مشركين، وماتا على ذلك، فإنه لا يجوز للابن الاستغفار لهما. ومن ذلك ما بوّب البخاري في كتابه: "الأدب المفرد" - باب: لا يستغفر لأبيه المشرك. روى فيه عن ابن عباس، في قوله عزّ وجل: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} إلى قوله: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. قال: (فنسختها الآية التي في براءة {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}) (?).
وقوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ربكم أيها الناس أعلم منكم بما في نفوسكم من تعظيمكم أمر آبائكم وأمهاتكم وتكرمتهم، والبر بهم، وما فيها من اعتقاد الاستخفاف بحقوقهم، والعقوق لهم، وغير ذلك من ضمائر صدوركم. وقوله: {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ} يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم الله فيما أمركم به من البرّ