وقوله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}. قال ابن عباس: (عمله وما قدر عليه، فهو ملازمه أينما كان، فزائل معه أينما زال). وقال: (الطائر: عمله، قال: والطائر في أشياء كثيرة، فمنه التشاؤم الذي يتشاءم به الناس بعضهم من بعض). وقال مجاهد: (طائره: عمله، وما كتب الله له). وقال ابن كثير: (وطائره: هو ما طار عنه من عمله من خير وشر، يُلزم به ويجازى عليه).
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 17، 18].
2 - وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8].
3 - وقال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 10 - 14]، .
ومن كنوز السنة الصحيحة في مفهوم الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن لغيره، عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [طائرُ كلِّ إنسان في عنقه] (?).
الحديث الثاني: أخرج ابن جرير في "التفسير" بسند رجاله ثقات، من طريق قتادة عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: [لا عدوى، ولا طيرة، وكلَّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه] (?).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وكل إنسان ألزمناه ما قُضِىَ له أنه عامله، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة يعمله في عنقه لا يفارقه، وإنما قوله: {أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ} مَثَلٌ لِما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم جل ثناؤه أن