أي: يا سُلالة من نَجّيْنا فحملنا مع نوح في السفينة، تَشَبَّهُوا بأبيكم، {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، فاذكروا أنتم نعمتي عليكم بإرسالي إليكم محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. وقد ورد في الحديث، وفي الأثر عن السَّلف: أن نوحًا - عليه السلام - كان يحمدُ الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كلِّه، فلهذا سُمِّيَ عبدًا شكورًا).

قلت: ومن كنوز السنة العطرة نحو ذلك أحاديث، منها:

الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه، وأحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [أنا سيد الناس يوم القيامة. إلى أن ذكر المحشر فقال: فيأتون نوحًا: فيقولون: يا نوحُ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربك. .] الحديث (?).

الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنَ الله لَيَرْضى عن العَبْدِ أنْ يأكُلَ الأكْلَةَ أو يشربَ الشَّربةَ، فيحمدُ الله عليها] (?).

وقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}. قال ابن عباس: (هو قضاء قضي عليهم). أي: أخبرهم سبحانه في ما أنزل عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين وسيتجبرون ويطغون ويفجرون. وقال القاسمى: ({وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} أي كتاب اللوح المحفوظ، أي حكمنا فيه {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} يعني أرض فلسطين بيت المقدس التي بارك الله حولها. والإفساد بالكفر والمعاصي. قال: {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} أي: ولتستكبرن وتتعظمنَّ عن طاعة الله تعالى، أو لتظلمن الناس).

وقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}.

أي: فإذا حان موعود الأولى من المرتين، بالعقوبة على أولى المفسدتين، أخرجنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015