- يا محمد - من الأوثان والأنداد والطواغيت التي يعكف عليها قومك، كما تبرأ من قبل منها أبوك إبراهيم.
124. قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)}.
في هذه الآية: كان اليهود قد فُرِض عليهم الجمعة يوم عيد يجتمعون فيه للعبادة شأن بقية الأمم، فاختلفوا في تخصيص هذا اليوم واختاروا السبت بدلًا منه، فأضلهم الله عنه. وإنما الفصل يوم القيامة عند ربهم في كل ما كانوا فيه يختلفون.
فعن مجاهد: ({إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} اتبعوه وتركوا الجمعة). قلت: وقد أضل الله هذا العيد عن أهل الكتابين، فاختار اليهود يوم السبت، واختار النصارى يوم الأحد، وخبأ الله هديته - يوم الجمعة - لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليكون عيدًا لهم. وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة وحُذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أضَلَّ الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يومُ السبت، وكان للنصارى يومُ الأحد، فجاء الله بنا فهدانا اللهُ ليوم الجُمعة، فجعلَ الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبَعُ لنا يوم القيامة، نحن الآخِرون من أهل الدنيا والأوّلون يومَ القيامة، المقضيُّ بينهم قبل الخلائق] (?).
وفي رواية: [هُدينا إلى الجمعة وأضَلَّ الله عنها مَنْ كان قَبْلنا].
الحديث الثاني: روى مسلم - كذلك - في صحيحه عن همّام بن مُنَبِّه أخي وهب بن مُنَبِّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة، عن مُحَمّدٍ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [نحنُ الآخِرون السابقون يومَ القيامة، بَيْدَ أنهم أوتوا الكتاب مِنْ قَبْلِنا وَأُوتيناه مِنْ بَعْدِهم، وهذا يومُهُم الذي فُرِضَ عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فَهم لنا فيه تَبَعٌ، فاليهودُ غدًا، والنصارى بعد غدٍ] (?).