وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.
قال الثوري: (ليس له عليهم سلطان أن يوقعهم في ذنب لا يتوبون منه). وقيل: المعنى: لا حجة له عليهم. وقيل: ليس له تسلط وولاية على المؤمنين. قال النسفي: (فالمؤمن المتوكل لا يقبل منه وساوسه). قلت: وكل ما سبق داخل في آفاق مفهوم هذه الآية، فإن صدق الإيمان بالله والتوكل عليه حرز من الشيطان.
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42].
2 - وقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} [الإسراء: 65].
3 - وقال تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39, 40].
وفي صحيح السنة المطهرة من آفاق هذا المعنى أحاديث:
الحديث الأول: روى أحمد في المسند، بسند صحيح، عن سبرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنّ الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد بطريق الإسلام فقال: تُسلِمُ وتذرُ دينك ودينَ آبائك وآباء آبائك؟ ! فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك. . . فعصاه فهاجر. ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال، فتقاتل فَتُقتَل فتنكح المرأة ويقسم المال؟ ! فعصاه فجاهد] (?).
الحديث الثاني: أخرج الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنّ الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي: لا أزال أغفر لهم ما استغفروني] (?).