وقوله: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}.
معناه: وبعد أن أنقذناكم من آل فرعون، خرجتم مع موسى عليه السلام، فلحقكم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا، ففرقنا بكم البحر. فالآية معطوفة على {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ} التي قبلها.
قال السدي: (لما أتى موسى البحر ... وضرَبه فانفلق، فكان كل فِرْق كالطَوْد العظيم، فدخلت بنو إسرائيل. وكان في البحر اثنا عشر طريقًا، في كل طريق سِبْط).
وأصل الفَرْق في كلام العرب الفصل، ومنه فَرْق الشعر، ومنه الفرقان، لأنه يفرق بين الحق والباطل أي يفصل، ومنه قوله تعالى: {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} يعني الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل، ومنه سمي يوم بدر يوم الفرقان، لأن الله سبحانه فرق به بين الحق والباطل.
قال القرطبي: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ} "إذ" في موضع نصب. و"فَرَقْنا" فلقنا، فكان كل فِرق كالطوّد العظيم، أي الجبل العظيم).
وقوله: {فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.
يعني: أخرجناكم منه وكتبنا الغرق والشقاء على فرعون وملئه وأنتم تشهدون.
أخرج الإمام أحمد في المسند والترمذي في السنن بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لما أغرق الله فرعون قال: آمنتُ أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل: يا محمد! فلو رأيتَني وأنا آخِذٌ من حالِ البحر فأدسُّهُ في فيه، مخافةَ أن تُدركه الرحمةُ] (?).
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [قدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فوجَدَ اليهود يصومون يوْمَ عاشوراء، فَسُئِلوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليومُ الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيمًا له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نحن أَوْلى بموسى منكم. فأمر بصَوْمه] (?).
وفي لفظ: [فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا هذا يوم