وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}.
متابعة في بَسْط النعم الجليلة التي ينتفع بها العبادُ صباح مساء. قال القرطبي: ({وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} أي في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره، والدُّؤوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية. وقيل: دائبين في السير امتثالًا لأمر الله، والمعنى يجريان إلى يوم القيامة لا يفتران. {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} أي: لتسكنوا في الليل، ولتبتغوا من فضله في النهار).
قلت: وفي تعاقب الليل والنهار وحركة الشمس والقمر مواسم للتوبة والاستغفار فيها خيرٌ كبيرٌ.
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54].
2 - وقال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
3 - وقال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [القصص: 73].
4 - وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 61، 62].
ومن كنوز صحيح السنة في آفاق مفهوم الآية أحاديث، منها:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن أبي موسى عبد الله بن قيسٍ الأشعري رضي اللهُ عَنْه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنَّ الله تعالى يَبْسُطُ يدَهُ بالليل ليتوبَ مُسيءُ النّهار، ويَبْسُطُ يدهُ بالنهار ليتوبَ مُسيءُ الليل حتى تطلعَ الشمسُ مِنْ مَغْرِبها] (?).
الحديث الثاني: روى مسلم عن أبي هريرة رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: