الرسل قد كَذَبوهم، جاءهم النصر على ذلك، فننجّي من نشاء).
2 - قال ابن زيد: (استيأس الرسل أن يؤمن قومهم بهم، وظنّ قومهم المشركون أن الرسل قد كَذَبوا ما وعدهم الله من نصره إياهم عليهم، وأخْلِفُوا، وقرأ: {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}، قال: جاء الرسلَ النصرُ حينئذٍ). قال: وكان أبيّ يقرؤها: {كُذبوا}).
3 - قال ابن جريج: (أخبرني ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قرأ: {وظنوا أنهم قد كُذبوا}، خفيفة، قال ابن جريج: أقول كما يقول: أخْلِفوا. قال عبد الله: قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا. وتلا ابن عباس: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا فظنوا أنهم أخْلِفوا).
وعلى القراءة الثانية يكون التأويل:
4 - قال قتادة: (حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنوا أنهم قد كُذِّبوا، أي: استيقنوا أنه لا خير عند قومهم ولا إيمان، {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}).
5 - أخرج البخاري في صحيحه عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة: أنه سأل عائشة رضي الله عنها زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيْتِ قولَ الله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} أو كُذِّبُوا؟ قالت: بل كَذَّبهم قومهم، فقلتُ: واللهِ لقد استيقنوا أنَّ قومهم كذَّبوهم وما هو بالظَّن، فقالت: يا عُرَيَّةُ، لقد استيقنوا بذلك، قلتُ: فَلَعلَّها أَوْ كُذِبُوا، قالت: معاذَ اللهِ، لم تكن الرسلُ تظُنُّ ذلك بِرَبِّها، وأما هذه الآية قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وَصَدَّقوهم وطالَ عليهم البلاءُ واستأخرَ عَنْهم النَّصْرُ حتى إذا استَيْأَسَتْ مِمَّن كَذَّبَهُمْ منْ قومهم، وظنوا أن أتباعهم كذَّبوهم جاءهم نصر الله] (?).
قال القرطبي: ({وظنوا أنهم قد كُذِّبُوا} - وهذه الآية فيها تنزيه الأنبياء وعصمتهم عمّا لا يليق بهم. وهذا الباب عظيم، وخطره جسيم، ينبغي الوقوف عليه لئلا يَزِلَّ الإنسان فيكون في سواء الجحيم. المعنى: وما أرسلنا قبلك يا محمد إلا رجالًا ثم لم نعاقب أممهم بالعذاب. {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} أي: يئسوا من إيمان قومهم. {وظنوا أنهم قد كُذِّبُوا} وبالتشديد، أي أيقنوا أن قومهم كَذَّبوهم. وقيل المعنى: حسبوا أن من آمن بهم من قومهم كَذَّبوهم، لا أنَّ القوْمَ كَذَّبوا، ولكن الأنبياء ظنوا