الحديث الثاني: أخرج ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عَمروٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [من كَتَمَ علمًا ألجمَهُ الله يومَ القيامة بلجامٍ من نار] (?).
وله شاهد عن ابن عدي في الكامل بسند صحيح من حديث ابن مسعود ولفظه: [من كتم علمًا عن أهله، أُلجِمَ يوم القيامة لجامًا من نار].
الحديث الثالث: أخرج الطبراني في الأوسط، وأحمد في المسند، بسند حسن عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [مثلُ الذي يتعلَّمُ العلمَ ثم لا يحدِّث به، كمثل الذي يَكنِزُ الكنزَ ثم لا يُنْفِق منه] (?).
وقوله: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فيه تأويلان:
التأويل الأول: نهاهم أن يكتموا الحق كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل، والتقدير: ولا تكتموا الحق، فيكون معطوفًا على مجزوم، فهو مجزوم مثله.
قال ابن عباس: (قوله: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ}، يقول: ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون).
التأويل الثاني: قوله {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} خبرٌ منه سبحانه عنهم، وقد جاء منصوبًا بإضمار أن، والتقدير: لا يكن منكم لبس الحق وكتمانه، أي وأن تكتموه.
قال أبو العالية: (كتموا بعث محمد - صلى الله عليه وسلم -).
وأما الحق الذي كتموه وهم يعلمونه فهو نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وإرساله إلى الناس كافة.
وفي ذلك أقوال متكاملة:
1 - عن ابن عباس: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ}، يقول: إنكم قد علمتم أن محمدًا رسول الله، فنهاهم عن ذلك).
2 - عن مجاهد قال: (يكتم أهل الكتاب محمدًا - صلى الله عليه وسلم -) وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل).
3 - عن السدي قال: (الحقُّ هو محمد - صلى الله عليه وسلم -).