عن قتله). وقال مجاهد: (هو شمعون)، والله تعالى أعلم. و {غَيَابَتِ الْجُبِّ} ما غاب وأظلم من قعر البئر.
والخلاصة: إنه أشار عليهم بعدم قتل يوسف وإنما بإلقائه في قعر البئر، حيث يغيب خبره، يأخذه بعض المارة من المسافرين، إن كنتم عازمين على التخلص منه. ولا شك أن الله تعالى هو الذي صرفهم عن قتله لِما أراد له من النبوة والتمكين في بلاد مصر والحكم بها، وإحقاق بعض الآيات العظيمة في حياة خلقه. ولا شك أنهم أقدموا على عمل عظيم الإثم، من قطيعة الرحم وعقوق الوالد، والقسوة على الطفل الصغير ووالده العجوز إذ حرموه من محبوبه الصغير واستغلوا ضعفه وشيخوخته، وحرموا الطفل من حنان والده وقربه ورعايته.
وقد جاءت السنة الصحيحة بالترهيب من مثل هذه الأفعال، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في "الأدب المفرد" بسند صحيح عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ما من ذنب أجدرُ أن يُعَجَّلَ لصاحبه العقوبة مع ما يدخر له، من البغي وقطيعة الرحم] (?).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود وابن ماجه والترمذي بإسناد حسن، عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ثلاثة دعوات مستجابات لهن، لا شك فيهن: دعوةُ المظلوم، ودعوةُ المسافر، ودعوةُ الوالدين على ولدهما] (?). وفي لفظ: [ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم].
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عن أبي أيوب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [مَنْ فَرَّقَ بين والدة وولدِها، فرَّق الله بينه وبين أحِبَّتهِ يوم القيامة] (?).
قال الترمذي: (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: كرهوا التفريق بين السَّبي بين الوالدة وولدها، وبين الولد والوالد، وبين الإخوة).