قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وجاء لوطًا قومه يستحثون، يُرْعَدُون مع سرعة المشي، مما بهم من طلب الفاحشة).
وقوله: {وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ}. قال ابن جريج: (يأتون الرجال).
أي: ومن قبل مجيئهم إلى لوط لتحسس أخبار ضيوفه، كانوا على شأنهم القبيح من إتيان الرجال في أدبارهم.
وقوله: {قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}.
قال ابن كثير: (يرشدهم إلى نسائهم، فإن النبيَّ للأمة بمنزلة الوالد، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة). وبنحوه ذكر أهل التأويل:
1 - قال مجاهد: (لم يكُنَّ بناتِه، ولكن كُن من أُمَّتِهِ، وكل نَبِيٍّ أبو أُمَّتِه).
2 - وقال ابن جريج: (أمرهم أن يتزوجوا النساء، ولم يعرض عليهم سفاحًا).
3 - وقال سعيد بن جبير: (يعني نساءهم، هن بناته، وهو أبٌ لهم). أو قال: (هو نبيّهم، وقال في بعض القراءة: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أبٌ لهم} [الأحزاب: 6]).
4 - وعن الربيع: ({هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}، يعني التزويج). قال قتادة: (أمرهم أن يتزوجوا النساء. وأراد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقيَ أضيافه ببناته).
5 - وعن السدي: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ}، قالوا: أولم ننهك أن تضيف العالمين؟ قال: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}، إن كنتم فاعلين، أليس منكم رجل رشيد).
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165, 166].
2 - وقال تعالى: {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 70 - 72].
وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}.
أي: خافوا الله وعظموه واقبلوا ما شرع لكم من النكاح والتزويج والاقتصار على