فقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}. أي: جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح والتواضع والتخشّع والخوف والإنابة إلى الله تعالى. ومن أقوال أهل التأويل:
1 - عن ابن عباس: ({وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} - قال: "الإخبات"، الإنابة) أو قال: (يقول: خافوا). وقال قتادة: (يقول: وأنابوا إلى ربهم).
2 - وعن مجاهد: ({وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}، قال: اطمأنوا).
3 - وقال قتادة: (الإخبات: التخشُّعُ والتواضع).
قلت: وكلها معان يحتملها البيان الإلهي، وإن كان أبرز معاني الإخبات في كلام العرب الخشوع.
وقوله: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
قال ابن جرير: (يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم، هم سكان الجنة الذين لا يخرجون عنها، ولا يموتون فيها، ولكنهم فيها لابِثُون إلى غير نهاية).
ومن كنوز السنة الصحيحة في آفاق هذا المعنى أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا. وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا. وإن لكم أن تَشِبُّوا فلا تهرموا أبدًا. وإن لكم أن تنعموا فلا تَبْأَسوا أبدًا] (?).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أهل الجنة جُرْدٌ، مُرْدٌ، كُحْلٌ، لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم] (?).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم من حديث جابر مرفوعًا: [يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون، طعامهم ذلك جشاء كريح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس] (?).